الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

الأحزاب والانتخابات .. والشعب!


لبعض لأحزاب قصة مع الانتخابات والحراك، فتارة تقف مع الشعب وتقاطع الانتخابات، وتارة أخرى تعز عليها المقاعد ورواتب التقاعد فتعلن موقف قطعي بالمشاركة بها، تماماً كالزوج الحائر بين إرضاء أهله و إرضاء زوجته التي تحرضه عليهم، يهون عليه غضب أهله أمام مغريات الفراش الدافئ  ليلاً!

الأحزاب التي نزلت إلى الشارع، وشاركت الشعب أوجاعه وهتافاته واعتقالاته، الأحزاب المُدركة تماما ً أن عملها الحزبي دون الشعب بجانبها في الأردن عقيم، باتت فجأة وعلى حين غرة مؤمنة بديمقراطية الانتخابات، حيث أن الموقف الشعبي من الانتخابات لم يعد يهمها مقابل حنينها المفرط إلى أحذية النوّاب المتطايرة وولائم المكسرات!

رفع الأسعار الأخير بالتأكيد جاء لدعم المال السياسي أكثر من دعمه للميزانية العاجزة، وبالتأكيد سيكون هناك من يبيع صوته مقابل ثمن جرة غاز يقاوم بها البرد المتسلل إلى عظام أطفاله، وبالتأكيد هناك من يفضل بضع دنانير في جيبه أكثر من المحافظة على أمانة صوته، ولكن في نهاية الأمر سيبقى هناك فقير وجائع ومعتقل سياسي، و نائب فاسد!!

حتى لو ادعّت الدولة أن الانتخابات ستخدم مسيرة الإصلاح، وصادقت الأحزاب المشاركة على الأكذوبة ورحبت باللعب مع الدولة على الشعب، هذه حيلة لم يعد لدى الشعب الطاقة اللازمة للادعاء أنها تنطلي عليه، فالأمر تعدى تزوير الأصوات وجمع البطاقات الانتخابية،وتعدى القوائم الوطنية وعدد الأصوات، وتعدى لقمة الفقير ورزقه المسلوب، ووصل إلى أمن المواطن وأمانه، وصل إلى عين عدنان الهواوشة التي ليت النظام أبصر بها حين اقتلعها، وصل إلى والدة عاصف اسماعيل التي مازالت دموعها لم تجف بانتظار الإفراج عن ابنها وعودته إلى بيته وجامعته، وصل إلى أقارب سهل المسالمة الذين اعتادوا على الاتصال معه يومياً من سوريا ليعلموه بآخر الأخبار، وصل إلى عزيمة فادي مسامرة الذي كل مرة يخرج من المعتقل يخرج بإصرار أكبر وإرادة أشد وإيمان أقوى بالوطن.

لطالما هاجمنا الاخوان لتعاملهم السري المُعلن للجميع مع النظام بكل  مقوماته من حكومات متوالية ودوائر أمنية، ولطالما اتهمناهم بالعمالة، و تفضيلهم مصالحهم على مصالح الشعب، ولكن هذه المرة الأحزاب اليسارية أو بعضها هي الجالسة على طاولة المفاوضات مع النظام، أين هم من يساريتهم إذا فضلوا الوقوف بجانب الحلف الطبقي الحاكم على الوقوف بجانب الشعب الكادح!!..أين هم من مفهوم الثورة الحمراء إذا فضلوا جوازات السفر الحمراء!.. بموقفهم هذا ويساريتهم هذه لم يعد  غريبا ً على الإطلاق أن يكتب أحدهم أن الملك يساري!!.. إذا كانت ترفض معظم الأحزاب اليسارية والقومية المشاركة بالاعتصامات إلا إن كانت هي المنظم والراعي الرسمي لها، فلتمتنع الآن عن المشاركة بالحراك على الإطلاق، لأنه بكل بساطة حراك شعبي لا حزبي، ولا تعنيه الأحزاب بحال قررت المساومة على أوجاعه والانضمام لمنظومة الفساد، للأحزاب التي قررت المشاركة انتخاباتها ونظامها ومقاعد مجلسها الآثم، وللحراك حريته و حناجره وشوارع الوطن كافة للمطالبة بحقوقه المسلوبة.

إن الحزب فكرة لكن للأسف أحياناً تضيع وتضل طريقها إذا ما قادها الشخص الخطأ، وإننا إن لم نتمكن من الإصلاح فيما بيننا وامتلكنا القدرة الكافية لممارسة الديمقراطية بأبشع حقائقها للإصلاح فيما بيننا، فلا خير من إصلاح نرجوه في الدولة، و من باب حرية التعبير التي أدرك تماماً انعدامها من أراد أن يحسب هذا المقال نقطة علي ّ وضدي، فليعلم أن الشارع ليس خالياً من الأحزاب الشريفة، التي مازالت متمسكة بقيمها ومبادئها وملتزمة بموقفها مع الحراك والشعب،وأنني مازلت مؤمنة بهذه الأحزاب ولا أعنيها بأي كلمة مما قلت، وأن قائمة الوطنية الوحيدة التي نعترف بها هي قائمة مطالب الحراك الشعبي، وكل ما دون ذلك لا يعني الوطن أو المواطن!

إيناس مسلّم
18-12-2012





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.