الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

طيارة السنفور!

بين كل التحديات المعيشية التي يواجهها المواطن الأردني من إيجارات وكهرباء وماء وخبز تعجز الحكومة عن دعمهم ودعم سرقات الفاسدين في الوقت ذاته، يواجه المواطن في هذه الفترة تحديداً تحديّاً جديداً بعد أن أنهى طلاب التوجيهي دورتهم لهذا العام واستعد الناجون منهم للتسجيل في الجامعة ويستعد البقية للإعادة ويستعد الأصغر سنّاً لخوض التجربة لأول مرة.

لو قمنا بمقارنة بسيطة بين طالب ابن مواطن بدخل عادي لا فقير، وبين طالب ابن مسؤول فاسد، الأول يكد ويشقى حتى يغطي احتياجات ابنه الأدنى من دفاتر وكتب وزي مدرسي وأقساط ومصروف يومي ومواصلات وربما دروس خصوصية ومراكز، و السنفور ابن المسؤول في سنته الأولى يستعد لاستقبال طائرته الخاصة الجديدة التي دفع ثمنها أب طالب متفوق عجز عن تسجيل ابنه في تخصص لا يملك سعر ساعته في النظام الموازي ويرفض النظام الجامعي قبوله بالسعر العادي، لأن أب آخر لديه واسطة بحجم فساد النظام تسمح له بتعليم ابنه صاحب المعدل المقبول بمكرمة على حساب من لا يجد لإكمال علمه سبيلاً!

لماذا لا يحق لأصحاب المعدلات التسعينية الحصول على فرصة إتمام تعليمهم بالتوازي مع أصحاب الأحقيّة بالمكرمة، بغض النظر أكان جميعهم أصحاب أحقيّة أم فقط أصحاب واسطة، وبحال فشلوا في الحصول على تلك الفرصة لماذا لا يحق لهم التعلم بأسعار مقبولة طالما هم لا يدرسون بالمجان، ولا يأخذون راتباً شهريّاً مقابل دراستهم بالمجان، تلك ليست طبقيّة من قبل الشعب أو أصحاب الأحقيّات في المكرمة فقد حصَّلوا ذلك الحق بتعبهم المضني طوال عقود من خدمة الوطن، ولكن تلك عنصرية اعتمدها النظام كأسلوب للفصل بين الفئات الشعبية وخلق شرخ طبقي بينهم يجعلهم فئاتاً وأصنافاً.

اليوم يصرّح عبدالله النسور بأن ثلاثة ملايين شخص غير أردني يستهلكون خبز مدعوم، أليسوا هؤلاء أصحاب جنسيات مدفوعة الثمن لاستقبالها، وبالطبع الفئة العراقية غير محسوبة  بينهم، فهؤلاء دخلوا بأموالهم، ونالوا حقوق المواطن الأردني بأموالهم وأرصدتهم البنكية واستثماراتهم الاقتصادية، أما إخوتنا من سوريا هؤلاء دخلوا وتم صرف الملايين للنظام باسمهم مقابل تأمين حياة كريمة لهم، حياة كريمة لم يخطر ببالهم أنها تشمل احتجازهم بخيامٍ محجوبة عن العالم بشيك معدني، أما فئة العمال من ذوي الجنسية المصرية، فهؤلاء يدفعون مثلهم مثل أي مواطن أردني ثمن إيجار بيت بالكاد يصنف كمسكن وثمن كهرباء وماء تمدهم به الدولة كأي مواطن آخر، بالإضافة لدفعهم تصاريح عمل سنوية بمبالغ تعتبر طائلة لعامل بأقل من الأجر الأدنى المحدد من قبل وزارة العمل دون ذكر الرشاوي وعمولات تسهيلات معاملات الإقامة وتصاريح العمل بالإضافة إلى ضرائب ومتفرقات، فلماذا لا يستحقون معاملتهم كمواطن أردني أو على الأقل دعم رغيف الخبز الذي لا حيلة لهم في تناول سواه!
النسور الذي فضل وربما استلذ بنهش لحم الأطفال وحاول فرض ضريبة عليهم وهم نطف في أرحام أمهاتهم، وغض البصر عن منع شراء طائرة خاصة جديدة بكلفة 50 مليون دولار لتصطف بجانب 5 طائرات خاصة أخرى تجاوز سعرها المليار دولار، هو بالتأكيد رئيس حكومة  فاسد لا يستحق منصبه وبالتأكيد يعمل تحت إمرة فاسد لا يستحق عرشه!

مؤلم الحال الذي وصل إليه وطننا الحبيب، و مؤلم أكثر أن نراه يذوي ويموت ونحن نقف بصمت نعجز عن إيقاف احتضاره ومنحه نفس الحياة الذي يحتاج ويستحق، ومؤلم أكثر وأكثر أننا إذا حاولنا النهوض لأجله هاجَمَنا النظام بأقبح أدواته من تهميش وقمع واعتداء واعتقال، النظام الذي لا يحمي وطنه بأي حق يستحق أن يكون نظاماً!

أعزائي أصحاب الجمعيات الخيرية أثناء قيامكم بجمع التبرعات لتجهيز الحقيبة المدرسية لأطفال الفقراء في الأردن، هلاّ تذكرتم تجهيز حقيبة تناسب سنفورنا المدلل.


إيناس مسلّم
13-08-2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.