الثلاثاء، 16 أبريل 2013

القبلة الافتراضية


زاد مؤخراً عدد الجاهات السياسية لا العشائرية، وخاصة عدد الجاهات بين أعضاء البرلمان الأردني الذي بحمد الله تعالى تحول من مجلس الكنادر في الدورة الماضية إلى مجلس الجاهات في الدورة الحالية، وهو تحسن ملموس في اللقب وتطور ملحوظ في المستوى الاجتماعي.

بالإضافة إلى الجاهات الهادفة إلى حل الخلافات الديمقراطية وتسهيل اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية، بات هناك نوع آخر من التواصل الاجتماعي الحكومي الحميم، ألا وهو تقبيل الرؤوس، فبعد قيام رئيس الحكومة الحالي عبدالله النسور بإهانة أهالي سحاب "عن غير قصد"، قام بسحب الإهانة عن طريق الاتصال هاتفيا بالنائب العساف وإبلاغه هاتفيا أنه يقبل رؤوس أهالي سحاب رأساً رأساً، الفريد من نوعه كان رد النائب بأن قبل الاعتذار  عن نفسه وترك قرار قبول أو رفض الاعتذار من قبل أهالي سحاب لهم أنفسهم وهي جرأة لم نعتدها من النوّاب.

اللطيف في أسلوب تقبيل الرأس أنه افتراضي، فالنسور فعليا لم ولن يقوم بتقبيل رؤوس أهالي سحاب ولكنه اكتفى بالتصريح بذلك هاتفياً على أمل أنهم سيرضون بقبلة وهمية وينتهي الخلاف، بعد تصريح النسور اجتمع أهالي سحاب للتفكير الجماعي بطريقة الرد المناسبة على إهانة النسور، هل يا ترى قرروا تحديد اجتماع آخر للتفكير في إذا ما كانوا سيقبلون القبلة الوهمية أم لا؟ وهل ستعتبر القبلة سارية المفعول منذ لحظة التصريح بها هاتفيا إلى حين قبولها، أم أن على النسور رفع سماعة الهاتف مرة أخرى وإعادة طرح القبلة؟ وهل يا ترى أثناء الاتصال قام النسور بتمثيل القبلة صوتيّاً، أم اكتفى بأن صرح كلامياً بها؟ أسئلة عديدة بالغة الأهمية تظهر على الساحة السياسية الخاصة بالشأن المحلي في ما يتعلق بالقبلة الافتراضية، تجعل منسوب الأدرينالين يتصاعد إلى حدوده القصوى لمعرفة رد أهالي سحاب على قبلة النسور.

أما بخصوص القضايا الأقل أهمية مثل "من باع الفوسفات؟"، "ما مصير البوتاس؟"، "أين وصلت قضية الفساد المرفوعة ضد الكردي؟"، وغيرها من الأسئلة السخيفة لم يعد هناك أدنى اهتمام للتفكير بها والتساؤل حولها، يكفي أن نشكل جاهة ونذهب إلى عمو الفوسفات وخالتو البوتاس ونعيدهما إلى أحضان الأردن العامرة، أما بخصوص الكردي وغيره من الفاسدين فما عليهم إلا رفع سماعة الهاتف على هيئة مكافحة الفساد كل من مكانه أو الدولة المقيم بها، وإرسال قبلاته الحارة إلى المدعي العام والقاضي والشعب الأردني بالمعيّة، فتسقط الدعوى ويغلق التحقيق وتنتهي القصة التي لا داعي للخوض فيها من الأساس... ودمتم.


إيناس مسلم
16/04/2013





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.