السبت، 13 أبريل 2013

رجال بلا رجولة!


في هذا المقال سأحاول قدر استطاعتي الابتعاد عن السياسة، فرغم إيماني المطلق بتعلقها بكافة نواحي حياتنا إلا أنني اليوم سأتطرق لموضوع أكثر إنسانية من السياسات والأنظمة التعسة، موضوع أكثر إنسانية من طفل ينازع الموت لأن والده لا يملك ثمن دواء لا توفره الدولة بالمجان، وأكثر إنسانية من عائلة تحيا تحت رحمة لوح من الصاج والطوب المتهالك، وأكثر إنسانية من رجل قام بحرق نفسه لأنه لم يتمكن من الوفاء بوعده لأسرته بتأمين حياة كريمة لهم.

الموضوع الأكثر إنسانية من كل تلك الحالات هو فتاة يتم ضربها مراراً وتكراراً دون ذنب، فقط لأن قدرها شاء لها أن تنشأ بعائلة يتصف أفرادها بالمرضى النفسيين الذين يجدون المتعة واللذة بضرب ابنتهم بالتوالي.

في مجتمعنا المعقد والمتخلف بكثير من جوانبه المتعلقة بالمرأة وحقوقها لا تجد المرأة أي منفذ لها لتحيا حياة مقبولة بأقل المعايير الإنسانية إلا إذا تم توفير تلك الحياة لها ممن حولها، فلا شهادة ولا وظيفة ولا ثقافة يمكنها أن تصد ضربة رجل غاضب على رأسها أو تمنع سطوته عليها، والأفظع من تعرض الفتاة للإعتداء،  أن يتم هذا الاعتداء على يد أفراد عائلتها، حيث تتحول الأم من الحنونة إلى المحرضة، والأب من العطوف إلى المؤذي والأخوة من الحماة إلى المجرمين، حينها تفقد الفتاة أي أمل في عدالة تنصفها من حياة بهذا البؤس أو مهرب يخرجها من هذا الخراب.

ليس رأي شخصي ولا يخفى على أحد أن مؤسسات حماية المرأة من العنف الأسري واتحاد المرأة وغيرهما تزيد الطين بلّة ولا تحل مشكلة، وأنها ليست العلاج الأنجع ولكن ربما الوحيد المتوفر مع ذلك الكثير من حالات العنف الأسري لا يتم التبليغ عنها من الفتاة نفسها التي تكون رافضة للفكرة لعلمها المسبق بفشلها وبحكم المجتمع عليها وبرميها لنفسها بنفسها إلى التهلكة، فهل يكون احتمالها للاعتداء النفسي والجسدي حينها هو الحل!

في معظم حالات الاعتداء المتكرر يكون المعتدي سكير، فهل يعتبر ذلك مبرر! فسواء كان السبب الكحول أو الغضب  ذلك ليس مبرر على الإطلاق، وفي الغالب تلك ليست إلا أسباب ظاهرية يدعمها أسباب نفسية وسيكولوجية عميقة بتقديري الشخصي أغلبها يتمحور حول إحساس الرجل بالضعف، بكافة أنواعه وأكثرها ضعف الشخصية واحتقاره لنفسه وتفريغه هذا الاحتقار وعدم تمكنه من التغلب عليه على الضحية الأضعف منه قوةً جسدية لإشباع الإحساس بالقوة والرجولة.

 قال لي صديق ذات مرة الإنسان حالة وسطية إذا ارتقى بأخلاقه اقترب من الملائكة وإذا انحدر اقترب من الحيوانات، للأسف تلك حالات نادرة التي نقابل بها الملائكة وفي الأغلب علينا تعلم التعامل مع الحيوانات، الرجولة في مفهومنا المجتمعي هي الاعتداء على الأنثى بالضرب بالسر والتحدث بالعلن عن مدى قباحة الأمر ومن يقوم بتلك الفعلة الدنيئة، إذا كانت هكذا الرجولة فليس العيب برجالنا بل بالمفاهيم التي قمنا بتنشئتهم عليها!

في مجتمعنا تنوعت أشكال العنف والنتيجة المؤلمة واحدة، في الأسبوع الماضي تعرض طالب للقتل بسبب العنف الطلابي، وبالأسبوع ذاته تعرضت فتاة للقتل نتيجة تعرضها للضرب المبرح وطرق رأسها بالحائط مما أدى لكسر جمجمتها وموتها على الفور و ذلك يعتبر عنف أسري، وقبل الحادثتين تعرض ناشط سياسي للضرب على يد رجال أمن وقائي سكارى بعد نقاش حاد تناول الشأن السياسي المحلي، ذلك عنف فكري يبدأ من لا تفكر إلى ضربك حين تفكر وتعبر.


في النهاية الحل الأمثل للمشكلة مواجهتها مهما كان الثمن، سواء كنت رجل أو فتاة أو شاب وتتعرض للعنف عليك مواجهته، فحتى إن عظم الثمن الذي ستدفعه حين تدافع عن أمنك تبقى حياتك أثمن.

تذكر قبل أن ترفع يدك لتضرب من هي أضعف منك أن لها قلب قد يكفل بحقده عليك بؤس عمرك ما حييت، وتذكر أنك قبل رفع يدك كنت بنظرها زوج أو أخ أو أب وبعد رفعها أصبحت حيوان لا تتمنى له إلا الذبح، وتذكر أنك برفع يدك تـُسقط أخلاقك وتـُسقط رجولتك وفوقهما تـُسقط إنسانيتك عنك، فحاول ضبط مزاجيتك وتغلب على ضعفك بينك وبين نفسك دون حاجة لأن تظهره لكل من حولك.


 قبل أن تكون رجلاً كن إنساناً فالأخيرة تكفل الأولى وتفيض.

إيناس مسلّم
13-04-2013


هناك 3 تعليقات:

  1. رجال العرب من أكثر شعوب الأرض تخلفا وجهلا, وإنسياقا وراء شهواتهم ومصالحهم فقط. ونظرتهم الإنحطاطية للمرأة هي بسبب فهمهم المتخلف للدين وإطلاق التعميم على أحكامه بما يراه مناسف. والأشد من ذلك ربط الأخلاق بالدين وليس الفهم ان الأخلاق غريزة قبل أن تكون من الدين فأصبح ضعاف الإيمان لا يهمهم تطبيق الأخلاق ومن لم يرد فيه نص في الدين أصبح يطبق على الأهواء وبالمصلحة فقط.

    ردحذف
  2. نعم أوافقكم الرأي
    ولا يخفى على أحد أن مؤسسات حماية المرأة من العنف الأسري واتحاد المرأة وغيرهما تزيد الطين بلّة ولا تحل مشكلة، وأنها ليست العلاج الأنجع ولكن ربما الوحيد المتوفر مع ذلك الكثير من حالات العنف الأسري لا يتم التبليغ عنها من الفتاة نفسها التي تكون رافضة للفكرة لعلمها المسبق بفشلها وبحكم المجتمع عليها وبرميها لنفسها بنفسها إلى التهلكة، فهل يكون احتمالها للاعتداء النفسي والجسدي حينها هو الحل!

    ردحذف
  3. القحبه مثلك لازم تنضرب و يتكسر راسها، يا شلوكه

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.